في اخر اسبوع ظهر على السطح موضوع اللاعب المصري للسكواش محمد الشربجي حول تمثيله لمنتخب انجلترا. اللاعب وضح اسباب هذا القرار وتحدث بكل صراحة عن الاهمال الذي تلقاه من الجهات المعنية رغم انه يعتبر بطل عالم ومازال ممارس للعبة، وكما هو معلوم الاحتراف بأي رياضة اليوم يتطلب مصاريف كثيرة جدًا فوق تصور اغلب السطحيين الذين يعلقون استنكارًا على قرار محمد في الفيديوهات المنشورة له على يوتيوب.
الرجل عبر عن اسبابه الخاصة لاتخاذ هذا القرار وهو قرار خاص به ولا احد له الحق في الاعتراض، فبالنهاية تبعات اي قرار نتخذه سنتحملها وحدنا والحياة اثبتت لنا ان وقت الازمات قلة هم من يقفون بجانبنا.
فلا يوجد اي داعي واي مبرر لهذا الهجوم على محمد الشربجي من قبل الاعلام وبالتالي المجموعات والصفحات على مواقع السوشيل ميديا. اين كنتم انتم وابواقكم عندما كان محمد يبحث عن الدعم والمساندة؟
من المشاكل الكبيرة التي يواجهها الرياضيين في الوطن العربي هو قلة الدعم والاهتمام طالما انهم خارج لعبة كرة القدم. هناك فرق كبير بين لاعبي كرة القدم ولاعبي الرياضات الاخرى على الصعيد الوزاري والاعلامي والشعبي كذلك في الشرق الاوسط خاصة.
من التعليقات السخيفة التي قراتها كذا مرة وان اختلفت الصيغة لكن المعنى والقصد كان واحد. هو تشبيه ومقارنة البعض بين قرار اللعب تحت اسم دولة اخرى وبين الحفاظ على الدين والشرف! ما دخل الدين والشرف بالدولة والعلم؟ وماهذا الفكر الضيق والمحدود!
وبالرغم من اني لم اكن اعرف محمد بالسابق، ولكن اختياره للعب لانجلترا لم يكن مفاجئ، على الاقل لمن هم حوله. فالرجل بالاساس انتقل للدراسة في انجلترا في عمر المراهقة بمدرسة متخصصة باحتضان المواهب الرياضية واستمر لسنوات في هذا البلد وتعلم معنى واصل الاحتراف على يد مدربين واداريين في انجلترا وما زال لليوم يتعامل معهم. والحقيقة ان اتحاد اللعبة في مصر استلم محمد الشربجي “جاهز ومقشر” لحصد الالقاب الدولية.
ذكرني موقف محمد بما حدث مع محمد صلاح، فقبل احترافه في اوروبا لم ينتبه له احد في الوطن العربي ولم يتلقى الدعم المطلوب لصنع محترف ينافس على مستوى العالم. لولا ايمان محمد صلاح بنفسه و سفره للعب في اماكن تحترم وتقدر المواهب ولما كان لدينا “فخر العرب” تخيل!
وعلى طاري الوطنية. فكرة ومبدأ الوطنية Nationalism «تسمى ايضًا القومية والشعبوية» كان لها وقت في السابق واثبتت فشلها الذريع. بل ومدى خطورتها على الشعوب، حيث ان لها تأثير كبير على فصل الفرد من محيطه الاكبر، فمثلًا تفصل العربي عن عروبته والمسلم عن اسلامه ليصبح توجهه الاول والاخير هو “الوطنية” ثم يأتي كل شيء اخر.
وهكذا ظهرت لنا امثلة عديدة تسببت في كوارث على العالم وعلى شعوبها ووطنها بالذات، مثل هيتلر في المانيا، وموسوليني في ايطاليا، وعبدالكريم قاسم وصدام حسين في العراق، وجمال عبد الناصر ومن خلفه في مصر، والقذافي وغيرهم الكثير. هذا غير انه بدأ يظهر لنا امثلة جديدة معاصرة على ما يبدو.
دائمًا ما تستخدم الوطنية والقومجية للسيطرة على عامة الشعوب، وعادة لا تكون هذه الفئة من اصحاب العلم والثقافة الواسعة. ومن خلال الاعلام الموجّه والشعارات الرنانة يتم زرع افكار عنصرية في ادمغتهم، هذه الافكار في الحقيقة ليست لانهم شعب الله المختار بل لان الطاغية الذي يحكمهم يريد السيطرة عليهم بشكل تام ليؤمن جلوسه على الكرسي لاطول زمن ممكن.
قومجية الغرب دمروا قارات باكملها، كما حصل في اوروبا في الحرب العالمية الثانية. في حين قومجية الشرق الاوسط جرت العادة ان يختموا حكمهم بنكسة ترجّع الدولة عقود للخلف.
وسبحان الله معظم تجار الوطنية «اي الطغاة الذين حكموا بهذا الفكر المبدء» كانوا يؤمنون ان لا احد يستحق الحكم غيرهم وان هذا البلد بدونهم سينهار تمامًا، فلا يوجد من هو كفؤ سواهم.
اختم رايي حول هذا الموقف بان وطنك الحقيقي هو المكان الذي تجد فيه الاحترام والتقدير والرزق، المكان الذي يساعدك على تحقيق احلامك وطموحك … هذا هو الوطن الحقيقي الذي يستحق منا بالمقابل الاحترام والتقدير ،، وعلى مر العصور لا يشترط ان يكون هذا المكان «المدينة او الدولة» هو نفس المكان الذي ولدت فيه، رسولنا الكريم ابن قريش وفضل الاستمرار في المدينة حتى بعد فتح مكة. اما اي شيء اخر فهي شعارات سياسية بالية اكل وشرب عليها الدهر يبيعها الطغاة ويسوقها الحمقى بالمجان.