تتناقش انت واحد المتخصصين في الفيزياء عن فرضية عكس دوران كوكب الارض وما نحتاج له من قوة او طاقة لتنفيذ شيء كهذا، وهل سيصمد من على الارض بعد تلقي صدمة كهذه قوية بشكل كافي لتغيير اتجاه دوران الارض حول محورها.
وكل هذا بادب ولطف وبدون التعرض لاي معتقدات دينية او التقليل من مصداقيتها. ثم فجئة ومن حيث لا تدري يدخل شخص غريب على الخط ويفرض نفسه في الحوار، ويخبرك ان هذا غير ممكن لانها علامة من علامات الساعة وعند حدوث ذلك فهذا يعني ان القيامة قد قامت .. «يتفلسف عليك» ويرحل بدون محاولة فهم اصل النقاش والهدف منه.
وهذا مجرد مثال لما يحدث يوميًا مع غالبيتنا بمجرد الدخول في حوار ما على احد مواقع وتطبيقات السوشيل ميديا.
والامر لا يتوقف على شخص واحد فقط، العملية اشبه بتجمع الذباب على الحلوى .. يبداون بالتجمع واحد تلو الاخر، وكل واحد يرمي بضعة كلمات دون محاولة فهم اصل الموضوع والغاية من النقاش. واذا قمت بالرد عليهم ومناقشتهم وبينت لهم اخطائهم «خاصة في المواضيع المتخصصة» بطريقة تصعب عليهم المجادلة والنقاش فغالبًا هنا سوف يبداون بالهجوم عليك.
لا احد بريئ
وهكذا، وعلى سبيل المثال، تجد العلمانيون يتطفلون على نقاشات المتدينون وفي نفس الوقت مجموعة اخرى من المتدينون يتطفلون على مجموعة من العلمانيون. وفي مكان اخر شخص ما يؤمن بفكرة «الارض المسطحة» تجده يتطفل ويهزأ من كل نقاش ومنشور يصادفه يتكلم عن الفضاء والانجازات العلمية المتعلقة بهذه المواضيع.
ذروة المشكلة
برزت هذه المشكلة بشكل صارخ مع بداية ازمة كورونا، فكلنا شهدنا فوضى النقاشات التي حدثت خصوصًا بالاسابيع الاولى من الجائحة، فتجد اطباء يتكلمون عن الفايروس ثم يدخل شخص ما يخبرهم ان هذا غضب الله على العباد لكثرة فسادهم او شخص يجادلهم بانهم مخطئون في كيفية نشأة الفايروس وان معمل ما في الجزيرة السرية الواقعة في مثلث برمودا هم من صنعوا الفايروس للتحكم بالبشرية، وان لديه ادلة وصلته في هذا الخصوص ولسريتها فهو لا يستطيع نشرها على العامة. حقيقة الوضع كان سيء جدًا وقتها ومضحك وكوميدي في نفس الوقت. 😄
وهكذا شبه اختفت النقاشات الجادة والدسمة اليوم
الشخصيات التي تناقش وتشرح وتضيف قيمة لاي مجتمع او حوار تدخل به هم الشخصيات التي تقرأ كثيرًا وتطلع باستمرار على ماهو جديد، الشخصيات المتخصصة والمحترفة في مجالاتها، الشخصيات التي تجد في العلم والتعلم وتطوير الذات متعة وترفيه لا يمل منه .. لكن هذه الشخصيات ملت وتعبت من كثرة الهجوم والتطفل من السذج والفارغين.
اغلب هؤلاء اصبح يتجنب الدخول في اي نقاش على الصفحات العامة تخوفًا من تعرضه لهجوم او قلة احترام من شخصية مجهولة على الانترنت.
وهكذا بدأ يفقد الانترنت لشيء جوهري، شيء كان يعتبر من اجمل صفاته.
لعل الحل بالرجوع لشكل الانترنت القديم مع تقنيات اليوم
لعل الحل هو بالرجوع للمواقع المتخصصة، مواقع صغيرة تحتوي اعضاء متخصصين او مهتمين في مجال معين. شيء مثل ايام المنتديات القديمة قبل ثورة مواقع التواصل الاجتماعي لكن بالتاكيد مع تطبيق تقنيات وافكار اليوم.
لعل هذا هو الحل الوحيد برايي لانقاذ الانترنت الحقيقي الذي كنا نعرفه في السابق. ففي كل مرة افتح مواقع التواصل الاجتماعي هذه الايام لا اجد غير الاعلانات وفوضى من المنشورات المبعثرة واغلبها «تافه» الا القليل منها.
📮 المتابعة عبر البريد الالكتروني
عند الاشتراك سيصلك جديد منشوراتي ومقالاتي على ايميلك. لا يتم نشر اي اعلانات ابدًا، فقط المقالات التي انشرها هنا في مدونتي هذه.
التعليقات: 2 On لا تستطيع اليوم مناقشة كل شيء على المواقع الاجتماعية؛ اصبحنا بحاجة لمواقع اصغر ومتخصصة اكثر من اي وقت مضى
الحجم الكبير يشكل دائماً مشكلة في أي شيء، معك في المجتمعات الصغيرة والمتخصصة، من أراد أن يدخل لأي نقاش عليه أن يصبح عضواً أولاً في المنتدى.
الشبكات الاجتماعية يمكنها حل جزء من المشكلة بالسماح بتشكيل مجتمعات فرعية لا يراها إلا الأعضاء.
فيسبوك بالفعل تقدم فكرة المجموعات ويمكن تخصيصها وحصرها على اشخاص معينة .. لكن المشكلة في كثرة تغيير فيسبوك لخوارزميات العرض والمتابعة، الى ان وصلنا مرحلة في فيسبوك اي محتوى غير ممول يكاد لا يصل لاكثر من ٣٠٪ من اجمالي متابعين الصفحة او المجموعة.
انا اعجبني البرنامج الذي يشغل موقع Dev community والتطبيق متاح للجميع بشكل مفتوح المصدر لبناء وتطوير مواقع اجتماعية وعلى سيرفرات خاصة.
ايضًا لاحظت الكثير من المجموعات الصغيرة بدأت تنشئ لها «غرف» على خدمات مثل تليجرام و سلاك Slack.
في المجموعات الصغيرة يضطر الناس جميعًا للتعامل بلطف واتيكيت اكبر 😀