مسلسل الاختيار ٣؛ تاريخ كتبه المنتصر في زمن الناس فيه لا تقرأ

لا تثق بشكل مطلق ابدًا بتاريخ يكتبه المنتصر حتى لو كنت تقف بصف المنتصر، الا لو كنت تريد الوقوع بفخ التغييب والتجهيل بحقائق الامور.

دائمًا في التاريخ والسياسة يجب مراجعة عدة مصادر مختلفة من اطراف مختلفة حتى تشكل صورة اوضح واشمل واكثر مصداقية، ويكون لك حرية التفكير والتحليل بين مختلف المصادر وبناء تصورك النهائي.

وان كنت شخصيًا ضد حزب الاخوان المسلمين لاسباب يطول نقاشها هنا. لكن اظهار قادة الجيش والشرطة والامن الوطني «امن الدولة سابقًا» بالذات بالصورة الملائكية فهذا قمة الاستخفاف بالعقول، خصوصًا للناس الي كانت بسن بلوغ ووعي اثناء تلك الفترة.

في اول الحلقات كنت اشاهد الدقيقتين الي بنهاية كل حلقة والتي تعتبر بمثابة تسجيلات فاضحة لسياسيين ضمن حكومة مرسي، لكن الا الان لم اجد اي ربط بين محتوى الحلقة وبين مايعرض من تسريبات! والكلام الي كان يعتبر على انه تسريب سياسي خطير، بصراحة وجدت محتواها كلام عادي لا يدين احد باي شيء.

قد تعطي هذه المشاهد الحقيقية وخصوصًا وانها مسجلة بدون علم احد الطرفين الانطباع بانها شيء مهم وخطير حتى وان المشاهد لم يفهم شيء منها. خصوصًا فئة الشباب الصغار الي لا يملكون اي خلفية سياسية ولا هم اصلًا مهتمين بها.

دعمت حكومة اوباما وجه الشؤم الاحزاب السياسية التي تدعي الاسلام منهجًا لها في مختلف بلدان الوطن العربي متأملين بان يتم اغراء الشارع العربي بحكومات اسلامية وبنفس الوقت تتحكم بها مثل الشطرنج مثلها مثل غيرها[1]. ولهذا لم تقتنع اميركا بالسيسي لسنوات طويلة وكانت تتربص له بحجة حقوق الانسان لانها بالاساس لم تكن موافقة على هذا الانقلاب والا لغضّت البصر.

بالمقابل السيسي لم يتخذ الخطوة التي اتخذها بمفرده، وهنا اقصد بمعنى بدون دعم دولي واقليمي من بعض الدول ومنها العربية، وهذا ماكان غائب تمامًا في المسلسل.

دائمًا الاعمال الدرامية والسينمائية التاريخية والسياسية تعرض لك وجهة نظر او زاوية واحدة من الحقيقة، كما انها تستعرض فقط ماهو اصلًا ظاهر ورائج بين العامة والباقي عبارة عن حشو درامي ولا تأتي بجديد. في حين اي مبتدئ بالسياسة والتاريخ يعلم ان لكل الاحداث الكبيرة التي تمر بها الدول يكون هناك اسباب وعوامل تعلن في وقتها واخرى تتكشف مع الوقت، خصوصًا عندما يختلف الحلفاء ويبداون بتعرية بعظهم البعض.

هذا غير بانه، ومع الاسف، اصبح الوضع المصري مقارنة بزمن مبارك اكثر تطبيل للحاكم واكثر سيطرة وقمع لحريات التعبير، وصلت مرحلة انك ممنوع تصور بالشارع بدون مضايقات الشرطة!

بعد فترة صعود الاخوان ونزولهم بمختلف الدول العربية او خلي نقول بعد هدوء فترة الربيع العربي، حصلت موجة انفتاح خصوصًا وان الشعوب تخلصت من مايسمى بحكم الاحزاب الاسلامية، لكن انفتاح مزيف عبارة عن عري وتدني بالاخلاق وصعود الجهلاء للمنابر واسكات العلماء واصحاب الاختصاص.

حتى ان الذوق العام للفن انحدر بشكل مخيف واصبحت “المهرجانات” هي الفن المعبر “للشباب الصاعد” وان دل هذا فيدل على مستوى تدني الوعي والفكر عند هذا “الشباب”، فعندما يكون شخص تافه مثل محمد رمضان هو الاكثر استماعًا في الوطن العربي رغم انه فاقد لكل عوامل الفنان من الناحية الموسيقية فهذا مؤشر خطر جدًا لنوعية الفكر والمستوى الثقافي لمستقبلين ومتناولين هذا اللا فن.


  1. راجع كتاب Pawns in the Game لوليام جاي كار، وكتاب A Promised Land لباراك اوباما.

شاركني برأيك