٢٠٣٠ مجرد عنوان عريض ليسوق الساسة لانفسهم وفترات حكمهم من خلالها

اصبح الامر مزعج فعلًا، كل خطوة تخطوها الحكومات ادعوا انها ضمن ٢٠٣٠ وكأنًّ الدنيا قبل اجندة ٢٠٣٠ كانت متجمدة وبحلول ٢٠٣٠ ستتحول البلدان الى جنة!

بالاطلاع على الاخبار هذه الفترة يكاد لا يمضي يوم بدون ان يظهر امامي مصطلح «اجندة ٢٠٣٠» ان كان على قناة اخبارية او صحيفة الكترونية، منها الانجليزي ومنها العربي. 

لا اذكر بالضبط في اي مؤتمر من المؤتمرات الدولية اتفق الساسة على فكرة «اجندة ٢٠٣٠»، اتصور في احد مؤتمرات دافوس؟ حيث ان هناك اجندة عالمية موحدة كالحفاظ على البيئة ومحاربة التغيّر المناخي، ثم هناك اجندة خاصة على مستوى كل دولة تختلف بحسب توجهات وحاجة الدولة من تغييرات وتطويرات. 

كل هذا طبيعي جدًا وليس مستغرب، انما ماهو مستغرب هو في كيفية تسويق وربط الحكومات لكل خطوة يقومون بها على انها ضمن اجندة ٢٠٣٠، وكيف ان عام ٢٠٣٠ سيكون عام مثالي تحقق فيه دولة «ضع اسم اي دولة» قمة التطور والنجاح. 

هل كان العالم متوقف عن التطور قبل هذه الاجندة؟ هل كانت الدول تتقدم بدون مخططات طيلة العقود الماضية وفجئةً اصبح لدينا مخططات؟ 

شخصيًا ارى فكرة «اجندة ٢٠٣٠» بانها مجرد فقاعة سياسية تسويقية، يسوق الساسة من خلالها لانفسهم ليثبتوا انهم يعملون وينجزون. وبتكرار نفس المصطلح عليك بشكل شبه يومي من خلال وسائل الاعلام والصحافة وربطها بنظام معين وساسة معينين هنا يحاولون اقناعك ان الحكومة تعمل وتطور وتفتح المشاريع وتضع حجر الاساس للمشاريع واحد تلو الاخر… ياه! اخيرًا حصلنا على حكومة الاحلام.

فلو كانت نفس هذه المشاريع التي يتحدثون عنها غير مربوطة بمصطلح «اشبه بلوجو» يتكرر عليك  باستمرار قد لا تنتبه لها كثيرًا، ولا تتذكر الاعمال او المشاريع السابقة. وانما في كل مرة يظهر امامك «اجندة ٢٠٣٠» في حدث جديد فهنا ذاكرتك تستدعي الاحداث السابقة المتصلة بهذه الاجندة مع الحالية، فيذكرونك بان هذا الحدث او المشروع الجديد هو ضمن مشاريع عديدة عملنا عليها. 

رغم اننا في مختلف البلدان وحسب ما اطلع بالاخبار فالى الان لم نرى الكثير على ارض الواقع، سوى مشاريع يتم وضع حجر الاساس لها وعقود توقع هنا وهناك واعلانات ومؤتمرات حكومية. 

الحقيقة ان العالم اليوم، عمومًا من شرقه الى غربه، يعاني من رداءة الطبقة السياسية. كما ان الشعوب في السنوات الاخيرة بدأت تمل وصبرها ينفذ من هذه الطبقة التي تحوم عليها الكثير من علامات الاستفهام. 

وعلى ما يبدو افكار كهذه تساعدهم في تسويق انفسهم وفترات حكمهم على انها فترات تطور وتقدم «وازدهار ينتظرنا في المستقبل». فعندما تشتكي من تردي الاوضاع يقولون لك «الا ترى اننا نعمل للمستقبل وللحصول على مستقبل افضل يجب تحمل بعض المعاناة في الحاضر».

ان معالجة الامور والقضايا الحساسة بالمسكنات لا يعتبر حل، مجرد تأجيل لموعد تفجر الازمة. 

هذا المنشور مجرد “فضفضة” من غثيان «اجندة ٢٠٣٠» من كثر ما سمعتها او/و قرأتها خلال الفترات الماضية. 

ان اعطانا الله العمر سارجع في ٢٠٣٠ لهذا المقال لاتذكر كل تلك الوعود، وارى ما تحقق منها وما كان مجرد دعاية وتسويق انتخابي! 

شاركني برأيك