اقبال كبير على خدمة التقسيط “اشترِ الان وادفع لاحقًا”؛ فهل حقًا هذه الخدمة بدون اي فوائد ولا اي رسوم؟
قبل عشرة ايام اعلنت ابل عن خدمة دفع جديدة، التقسيط باسلوب “اشتري الان وادفع لاحقًا”، تُقدّم من خلال نظام الدفع الالكتروني الخاص بها “Apple Pay” ويقسم المبلغ المقسط على ٦ اسابيع مع صفر فائدة، على اعتبار انه تم اعتماد منح القرض.
واضح ان اسلوب التقسيط هذا في السنوات الاخيرة وخاصة خلال فترة جائحة كورونا اخذ شهرة وانتشار واسع، خاصة عند التسوق اونلاين «فمن الشركات الكبرى الاخرى لدينا امازون وباي بال تقدم هذه الخدمة وغيرهم الكثير». بديهيًا لما تحسب انك ممكن تشتري مثلًا الجهاز الفلاني الان بشكل فوري والدفع على فترة تتراوح بين اسابيع الى اشهر مع صفر فائدة بدل من الانتظار وتجميع المبلغ ومن ثم شراءه كاش فغالبًا سيكون الحل الاول هو الاكثر تفضيلًا للغالبية، وخاصة الشباب الي دائمًا يكونوا مستعجلين في الحصول على الجهاز الفلاني فور الاعلان عنه من قبل الشركة المطورة له.
المدة الزمنية لسداد المبلغ تختلف من شركة لاخرى، بعضهم يعطيك مجال في حدود الستة اسابيع وشركات اخرى تعطيك حتى ١٢ شهرًا بدون اي فوائد مضافة، شركات اخرى تقدم فترات متعددة لكن حسب المبلغ المستدان يتم تحديد الحد الاقصى المتاح للسداد؛ كل مازاد المبلغ زادت الفترة الزمنية.
الاغلبية منا عند استخدام وسيلة دفع كهذه لا نقرأ تفاصيل وشروط الخدمة، خصوصًا انك بقبولك للقسط فانت تلقائيًا تعتبر موافق بشكلٍ كامل على شروط وبنود الخدمة. وهذه مشكلة كبيرة لاننا نتفاجئ في مابعد عند مخالفتنا لبعض الشروط برسوم اضافية مُبالغ بها.
السؤال البديهي للجميع عند استخدام خدمة كهذه لاول مرة؛ هو كيفية تحقيق الشركة للارباح وهي تقدم القروض مجانًا بدون اضافة اي فوائد؟! اسلوب الخدمة هذه يختلف قليلًا عن القرض العادي او حتى الاستدانة من حسابات الكريديت كارد، لانها دائمًا ماتكون مربوطة بشراء سلعة ما وقد تكون هذه السلعة على شكل منتجات او خدمات، ومن هنا يأتي اسمها “اشتري الان وادفع لاحقًا”. وبالعادة المتاجر الي تبيع المنتجات تدفع نسبة بسيطة «متغيرة او ثابتة» على شكل رسوم للشركة المقرضة مقابل كل عملية.
اما بالنسبة لك كمقترض، في حال سددت المبلغ بوقته فهذا سوف يجعل الجميع سعداء، واما في حال تأخرت عن السداد فسوف يتم معاقبتك من خلال ادخال الفوائد باثر رجعي وغالبًا في خدمات كهذه تكون نسبة الفوائد مرتفعة جدًا مقارنة بالقروض العادية.
جزء ليس هين من المقترضين «خصوصًا في الاعمار الصغيرة الي يكون عندهم الحس الاقتصادي والخبرة في ادارة اموالهم وحساباتهم ضعيفة» يقع في فخ التأخر عن السداد ويتفاجئ برسوم اضافية ونسبة فوائد مرتفعة جدًا. وهذه تعتبر وسيلة ربح اضافية وقانونية لمقدم القرض بالرغم من عدم الاعلان عنها بشكل مباشر وصريح.
باعتبار ان القروض المقدمة مع هذا النوع من التقسيط لا تكون مبالغ كبيرة، والاغلبية تستخدمها لشراء منتجات وخدمات بتكلفة تتراوح بين ١٠٠ الى ٥٠٠٠ دولار فالاغلبية تستهين بالموضوع وتوقع وتوافق على كل شيء بشكل سريع بدون قراءة الشروط.
وهذه عادة غير صحية تمامًا لان هذا القرض الصغير ممكن بسبب بعض الضروف تنساه تمامًا وتتفاجئ بعدين انك مطالب بسداد قرض فوق القرض عبارة عن رسوم وفوائد.
النقطة الثانية والمهمة جدًا، هذا النوع من القروض لا يساعدك على بناء وتحسين تصنيفك الائتماني “Credit Score”. بمعنى سدادك للدفعات اول باول لن يرفع او يغير من التصنيف الخاص بك، ولكن العكس غير صحيح، في حال تأخرت في السداد او تم الغاء القرض وتحويله لجهات استرداد القروض “Debt Recovery” فهذا سوف يضرك ائتمانيًا في المستقبل بشكل كبير وكانك استدنت مليون دولار وتخلفت عن السداد.
انا لا اقول لك باي شكل من الاشكال ان لا تستخدم هذه الخدمة، لكن فقط احرص على معرفة ما لك وما عليك قبل التوقيع واعتماد القرض حتى لا تقع مستقبلًا في موقف صعب او محرج، خصوصًا اذا كان هذا اول قرض لك. وحتى لا تضر تصنيفك الائتماني لان اعادة بناءه ليس بالامر السهل، وقد تحتاج مستقبلًا للاقتراض لما هو عاجل وفعلًا مصيري ولا تستطيع بسبب ضعف تصنيفك الائتماني من قروض سابقة بمبالغ لم تكن تستحق كل هذا الضرر.
📮 المتابعة عبر البريد الالكتروني
عند الاشتراك سيصلك جديد منشوراتي ومقالاتي على ايميلك. لا يتم نشر اي اعلانات ابدًا، فقط المقالات التي انشرها هنا في مدونتي هذه.