الابداع تراكمي بالاستمرار والافكار مقتبسة مع بعض التعديل؛ عن كتاب اسرق مثل فنان

تقرأ خبر او مقال معين فتحاصرك مجموعة من الافكار ومن ثم تخرجها في صورة مقال تكتبه او منشور تنشره على السوشيل ميديا.

ونفس الامر يحدث في الفن والانتاج الموسيقي، يسمع الملحن اغنية ما فتجذبه جزئية صغيرة في اللحن ومن خلالها ينطلق بصناعة لحن جديد مولود من اصل اللحن الذي استمع له. وهكذا في مختلف مراحل صناعة الاغنية او المقطوعة الموسيقية.

نحن كبشر طوال الوقت نتأثر بشيء معين ومن خلاله نصنع شيء جديد، نقرأ او نسمع او نشاهد مادة معينة وبسببها تتولد لدينا افكار لصنع شيء جديد على نفس مقام الشيء الاصلي ولكن بتفاصيل اخرى وبطابع اخر تبرز فيه لمساتنا الشخصية.

والاخرون كذلك قد يتأثرون بعمل من اعمالنا ومن خلاله ينطلقون بصناعة شيء جديد.

لكن مهمى كان مستوى التأثير لا نشير ابدًا لمصدر الالهام!

احيانًا يكون التأثير الى حد الاستنساخ فنقول عنه “تقليد”، واما اذا اقتبست الفكرة وقدمت بلمسات وتفاصيل مختلفة فنقول عنها “ابداع واحترافية”.

كتابة مقال علمي

لاحظ انك عندما تكتب بحث او مقال علمي فانت مطالب باضافة وتعريف كل مصادرك، وكل مازاد عدد الكلمات والافكار، الافتراضات والحقائق في مقالك العلمي كل ما كنت مطالب باضافة مصادر اكثر.

فاذا كتبت مقال علمي من الف كلمة وقمت باضافة مصدر واحد فقط، سيعتبر عملك عبارة عن نقل او سرقة ادبية «Plagiarism». اما اذا اضفت عشرة مصادر او اكثر على نفس عدد الكلمات وعرفت المصادر بالشكل الصحيح فيسعتبر عملك بحث علمي.

في الاولى انت لم تصنع شيء، مجرد انك اتيت بعلم جاهز ومكتوب ونقلت عنه حتى وان اعدت صياغته لي لا يكون نقل حرفي. اما في الثانية فانت بحثت وقرأت من عدة مصادر وعالجت هذه المعلومات وكتبتها كمقال واحد، وهكذا انت فعليًا اضفت شيء جديد للعلم.

وبهذه الطريقة العلم يتوسع ويتشعب وجيل يبني على جيل.

ولادة المبدع بين التقليد والاقتباس باحترافية

يبدأ هاوي العزف بمحاولة عزف الاغاني المشهورة، وخلال مشوار تعلم العزف يبدأ بالتأثر باحد الموسيقيين المعروفين ويحاول تقليد تكنيك هذا العازف المشهور، واثناء التدريب على هذه الحركات يبدأ باكتسابها شيء فشيء ولكن بطريقته واسلوبه الخاص فتخلق شيء مشابه عمومًا ولكن بتفاصيل روحية مختلفة.

وعندما يقرر العزف باحترافية هنا يكون امام طريقين، اما ان يمتص الافكار والالهام من غيره ويعيد تقديمها بشكل مختلف وباسلوبه الخاص، واما سيقول لا ساصنع شيء خاص بي!

وهنا يدخل في فخ “الاختلاف”، فكل ما يحاول انتاج فكرة جديدة يتخلص منها بمنتصف الطريق، ويبدأ من جديد لانها لم تكن «جديدة كليًا». وهكذا يقل انتاج هذا الشخص وتمر عليه السنين وهو مكانك سر.

الاختلاف ليس ان تقدم شيء لم يقدمه اي شخص من قبل، الاختلاف ان تقدم شيء بلمساتك وتفاصيلك، انما في النهاية المقال هو المقال، وايقاع الهيوة هو ايقاع الهيوة، وتصميم محرك V6 من بي ام دبليو لا يختلف جوهريًا عن محرك بنفس عدد الاسطوانات من شركة اودي.

فخ «تقديم شيء مختلف جوهريًا وكليًا» وانت في البدايات في محاولة الظهور والانتشار بين الجمهور لن يساعدك، وكل ما سيحدث هو انك ستضيع سنوات عديدة وستحد من كم انتاجك بشكل مدمر لك.

جزء من انك تقدم شيء جديد ومختلف انك تصنع منتج وتروجه للجمهور، ثم تصنع غيره وتعيد الكرة، ومرة بعد مرة بعد مرة يبدأ انتاجك بالتحسن والتشكل بطريقة مختلفة خاصة بك، وتبدأ بفهم الجمهور بشكل كبير.

الابداع ياتي من كثرة الانتاج والممارسة، وليس من الجلوس والتفكير بفكرة جهنمية لم يقدمها اي شخص من قبل.


كتاب «اسرق مثل فنان» يحاول توصيل هذه الفكرة، وهو من تاليف Austin Kleon.

وحقيقة لا اعلم ان كانت تسمية كتاب صحيحة، فهو اقرب لكتيب من كتاب وعدد صفحاته لا تتجاوز الستين «على الايباد ١١ انش نسخة ePub». لكن حقيقة الكتاب لطيف وقراته ممتعة وانصح به. وهذا النوع من الكتب مفيد في اوقات نفاذ الافكار والالهام، خصوصًا لما تكون النفسية زفت!

مع العلم ان الكتاب بالمجمل لم ياتي بفكرة جديدة وقد لا يكون الاكثر عمقًا في هذا الخصوص، لكن سلاسة قراته وترتيب المعلومات يجعلك تتذكر احداث كثيرة ما بين السطور وتربط فيما بينها وتعيد التفكير في وضعك الحالي. وهذا النوع من الكتب رغم بساطته لكن مفيد للقارئ.

📮 المتابعة عبر البريد الالكتروني

عند الاشتراك سيصلك جديد منشوراتي ومقالاتي على ايميلك. لا يتم نشر اي اعلانات ابدًا، فقط المقالات التي انشرها هنا في مدونتي هذه.

شاركني برأيك