حصة تعبير

درست المرحلة الابتدائية في احدى الدول العربية، واذكر في اخر سنة من هذه المرحلة كان يطلب منا كتابة صفحة كاملة خلال الحصة تحت عنوان «تعبير» بدون تحديد اي موضوع حيث يترك هذا للطالب.

وفي ذاك الوقت ما كنا في مرحلة نستطيع استيعاب مفهوم “التعبير” هذا، ولهذا كنا نكتب بسم الله الرحمن الرحيم بخط عريض بحيث تملئ السطر الاول بالكامل، ثم نصلي ونسلم على محمد وال محمد وعلى ابراهيم وال ابراهيم، وهكذا يطير ثلث الصفحة، ثم اما بعد…

صحيح ان هدف النظام المدرسي من هذا كان انك تتعلم مهارة الكتابة وتكوين الجمل وتوصيل افكارك بلغة مفهومة. ولكن عدم تحديد الاهداف من هذه الكتابة وعدم دراسة اساليب “الستايل” الصياغة…الخ، وكل ما تم توجيهك به هو “عبر عن اي شيء” ،، فكانت النتيجة لا شيء مجرد كلام عشوائي.

بعدها سافرنا كعائلة ودرست المرحلة المتوسطة «GCSE» في بريطانيا. هنا اول شيء لاحظته اننا لم نكن ندرس القواعد بشكل منفصل كما كنا ندرسها مع اللغة العربية، بمعنى انك تكتب قطعة وان اخطأت بالقواعد يتم تصحيحك بشكل فردي. وليس كما كان يحدث ايام حصة اللغة العربية «اعرب الجملة الاتية…» والي بحياتي ما ضبطت معي وحليتها صح.

المهم، في الـ GCSE وفي حصة الانگليزي كنا ايضًا “نعبّر” ولكن كانت الالية مختلفة تمامًا. حيث كان يتم تعريفنا بمختلف الاساليب المستخدمة بين الناس في ايامنا هذه وما يميز كل اسلوب والتكنيك الخاص بكل اسلوب.

فمثلًا كنا في يوم ندرس عن كتابة بريد الكتروني لعضو مجلس النواب الخاص بمنطقتنا ونطالبه بامر معين، كالاهتمام بشكل اكبر باحدى حدائق المنطقة.

ندرس اولًا بعض الامثلة ونقارن بين الاساليب شخص يكتب برسمية كاملة واخر يكتب نوعًا ما بشكل عام Chat style واخر يكتب بطريقة ركيكة، واساليب بداية الرسالة وانواع التحية في ذيل الرسالة.

في يوم اخر ندرس كيفية كتابة مقال او تدوينة، ويوم اخر كتابة مراجعة Review لمنتج معين…وهكذا.

فكان الامر ممتع ومفيد جدًا ان كان من الناحية الاكاديمية او من الناحية العملية في الحياة اليومية.

ثم في مرحلة الهاي سكول والكولج A-Levels & BTEC تعمق الامر واصبحنا نكتب مقالات علمية Essays بحسب المادة الي ندرسها. وهنا نحن نتكلم عن ١٠٠٠ الى ٢٠٠٠ كلمة مع اضافة مصادر وادخالها بالشكل الصحيح في المقالة بحسب الصيغة المطلوبة مثلا Harvard APA 6th.

وبهذه الطريقة عند دخول الطالب للجامعة يكون جاهز تمامًا لكتابة مقالات علمية من اول ترم. ونفس هذا الطالب حتى لو لم يدخل للجامعة سيكون لديه مهارة وادوات الكتابة.

الى اليوم لم يتغير الوضع في مختلف الدول العربية حول هذه النقطة، ومازالت حصة التعبير مثل ما هي.

كل سنة تاتي دفعة جديدة من الطلاب العرب المبتعثين لدراسة البكالوريوس، واذا في شيء مشترك بينهم غير انهم عرب فهو عدم معرفتهم بكيفية كتابة المقالات العلمية، لان باختصار المدارس العربية لا تدرس هذا الشيء.

المشكلة انك ممكن تتعلم اساسيات كتابة المقالة العلمية وكيفية التعامل مع المصادر في الترم الاول عند دخولك للجامعة، لكن من سابع المستحيلات انك تكون تكنيك واسلوب جيد في الكتابة في هذا الوقت القصير. والنتيجة راح تخسر درجات كثير بسبب الاسلوب الركيك في التعبير حتى وان كنت فاهم المادة بشكل كامل.

الموضوع عبارة عن لمسات ولمحات بسيطة في النظام المدرسي لكن شوف ما مدى تاثيرها على حياة الطالب ككل.

📮 المتابعة عبر البريد الالكتروني

عند الاشتراك سيصلك جديد منشوراتي ومقالاتي على ايميلك. لا يتم نشر اي اعلانات ابدًا، فقط المقالات التي انشرها هنا في مدونتي هذه.

شاركني برأيك